لم
يعد الحديث عن تمكين المرأة ومشاركتها فى مجالات العمل المختلفة مجرد شعار أو مطلب مجتمعى، بل أصبح واقعاً ملموساً يتجسد فى كل القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع البترول والثروة المعدنية الذى كان لسنوات طويلة يُعد مجالاً شاقاً يرتكز على الجهد الميدانى والعمل فى بيئات عمل صعبة. إلا أن المرأة المصرية استطاعت أن تكسر هذه الصورة النمطية، وتفرض وجودها فى واحد من أهم قطاعات الاقتصاد الوطنى، بفضل كفاءتها ومهنيتها العالية وقدرتها على تحمل المسؤولية.
لقد شهد قطاع البترول خلال السنوات الأخيرة اهتماماً واضحاً من القيادة السياسية بتمكين المرأة وإتاحة الفرص أمامها لتولى المناصب القيادية والمشاركة فى مواقع اتخاذ القرار، فى إطار التوجه العام للدولة نحو دعم المرأة المصرية باعتبارها عنصراً فاعلاً وشريكاً رئيسياً فى عملية التنمية المستدامة.
فقد أطلقت وزارة البترول والثروة المعدنية العديد من المبادرات التى تستهدف رفع كفاءة العنصر النسائى وتأهيله، سواء من خلال برامج التدريب القيادي، أو عبر دعم مشاركة السيدات فى البرامج الدولية التى تهدف إلى تطوير المهارات الإدارية والفنية للعاملات فى هذا القطاع الحيوى.
وفـى ظـل استراتيجية وزارة البتــرول لتـحديث وتطويـر القطاع، بـرزت المـرأة كقوة حقيقيـة فى مواقع العمل المختلفة، بدءاً من معامل التكريــر والشـركات القابضـــة، مـــروراً بشركــات البحـث والاستكشاف والإنتـاج، وصـولاً إلى المؤسسات الخدميـة والتسويقية التابعة للوزارة، ونجـد اليـوم سيــدات يشغلن مناصب رفيعـة كـرؤساء شركــات، ومديرات إدارات تنفيذية، ومسؤولات عن ملفات مهمة تتعلق بالاستدامة، والبيئة، والطاقة النظيفة، والتحول الرقمي، وهى ملفات ترتبط ارتباطًا وثيقاً بمستقبل الطاقة فى مصر والعالم.
ولم يتوقف دور المرأة فى قطاع البترول عند المهام الإدارية فحسب، بل امتد إلى العمل الميدانى والفني، وهو ما يُعد نقلة نوعية حقيقية، فهناك نماذج مشرفة من المهندسات والفنيات اللاتى يشاركن فى الإشراف على عمليات الحفر، وتشغيل معامل الإنتاج، ومراقبة جودة الوقود والزيوت، والمساهمة فى تطبيق معايير السلامة وحماية البيئة، هذه المشاركة الفاعلة تثبت أن الكفاءة لا ترتبط بنوع الجنس، بل بالإرادة والعلم والانضباط فى الأداء.
ولا يمكن الحديث عن تمكين المرأة فى قطاع البترول دون الإشارة إلى الدور الكبير الذى تلعبه وزارة البترول والثروة المعدنية فى تبنى سياسات واضحة تضمن المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، فقد أكد المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية فى أكثر من مناسبة أن المرأة أصبحت شريكاً رئيسياً فى مسيرة تطوير القطاع، وأن دعمها وتمكينها ليس مجرد واجب اجتماعى، بل استثمار فى طاقة بشرية قادرة على تحقيق النجاح والإبداع.
بصمات نسائية مضيئة
فى السطور التالية ، نسلّط الضوء على مجموعة من النماذج النسائية الملهمة فى قطاع البترول، اللواتى قدّمن تجارب ثرية ومؤثرة تعكس روح الريادة والعمل الجماعي، وتمثل أيقونة تلهم الأجيال القادمة وترسخ حضور المرأة كشريك فاعل فى بناء مستقبل البترول فى مصر.
فى بادرة تعد الأولى من نوعها فى مصر، تولت المهندسة سناء البنا منصب رئيس الشركة القابضة للبتروكيماويات فى عام 2004، لتعد أول سيدة من قطاع البترول تتولى رئاسة شركة قابضة فى مصر وكانت البنا تشغل منصب نائب رئيس هيئة البترول للتخطيط والمشروعات .
المهندسة/ نهاد اسماعيل فهمى الجاويش رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لشركة خدمات البترول البحرية ،
وذلك كأول سيدة تتولى منصب رئيس شركة فى عام 2003 .
فى مارس 2016 تم تعيين المهندسة نهاد الكردى رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لـ الشركة المتحدة لمشتقات الغاز (UGDC)، وكانت تشغل منصب نائب رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس).
المهندسة أميرة المازني، والتى شغلت منصب نائب رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» لشؤون تنظيم أنشطة الغاز.
المهندسة سوزيت إبراهيم والتى شغلت منصب مساعد رئيس شركة بتروجت للأعمال الهندسية.
المحاسبة أمل محمد حسن على طنطاوى – نائب الرئيس التنفيذى للهيئة المصرية العامة للبترول الحالى للشئون المالية والاقتصادية ، كما شغلت منصب نائب رئس شركة إيجاس للشئون المالية.
فى نوفمبر 2024 ، أصدر المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية، قرارًا بتكليف المهندسة ريهام محمد علفه رئيسا لمجلس إدارة شركة الإسكندرية للبترول .
إن تجربة المرأة فى قطاع البترول تمثل قصة نجاح ، تُجسد روح الإرادة والتحدى والإصرار على إثبات الذات فى واحد من أكثر القطاعات صعوبة وتعقيدًا ، وفى النهاية، يمكن القول إن المرأة فى قطاع البترول لم تعد استثناءً، بل أصبحت ركيزة أساسية فى منظومة التطوير والتحديث، وطاقة لا تنضب من الكفاءة والعطاء، تضيء دروب المستقبل وتؤكد أن تمكين المرأة ليس خياراً، بل هو الطريق نحو نهضة شاملة ومستدامة.