المضى قدماً: استراتيجيات الطاقة فى عالم معقد
فى إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية فى قطاع الطاقة، وسعى قطاع البترول المصرى لتعزيز التكامل الإقليمى وتوسيع مجالات التعاون مع الشركاء الدوليين والترويج على نطاق واسع للفرص الاستثمارية فى مختلف مجالات سلسلة القيمة للبترول والغاز، شارك المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، فى مؤتمر CERAWEEK العالمى للطاقة الذى تم عقده خلال الفترة من 10 – 14 مارس 2025 بمدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، تحت شعار «المضى قدمًا: استراتيجيات الطاقة فى عالم معقد» والذى يركز فى نسخة هذا العام على التحديات الحالية والمستقبلية الخاصة بضمان أمن الطاقة والإمدادات وتحقيق التحول الطاقى وتأثير الاتجاهات السياسية العالمية والتقدم التكنولوجى على قطاع الطاقة.
تحديات أمن الطاقة: اليوم وغداً
وضمن فعاليات المؤتمر، شارك المهندس كريم بدوى كمتحدث رئيسى فى جلسة نقاشية بعنوان «تحديات أمن الطاقة: اليوم وغداً» بحضور دان يورجنسن مفوض الطاقة والإسكان بالاتحاد الأوروبى، والدكتور فاتح بيرول المدير التنفيذى لوكالة الطاقة الدولية، وليلى بن على وزيرة التحول الطاقى والتنمية المستدامة بالمغرب، وأدار الجلسة كارلوس باسكوال النائب الأول لرئيس مؤسسة استاندرد آند بورز جلوبال المنظمة للمؤتمر.
وخلال الجلسة، أكد المهندس كريم بدوى على دور مصر المهم كنقطة اتصال بين الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وما تتمتع به من بنية تحتية متميزة فى مختلف القطاعات بما يعزز بشكل فعال من دورها كمركز إقليمى للطاقة. ثم تطرق إلى أولويات عمل وزارة البترول والثروة المعدنية فى الفترة الحالية لضمان أمن الطاقة فى مصر والعمل على تلبية احتياجات الطاقة فى أفريقيا وأوروبا والمنطقة والتى يأتى على رأسها زيادة الإنتاج من البترول والغاز من خلال العمل مع شركائنا لتحفيزهم على تسريع وتيرة الإنتاج وعمليات الاستكشاف. لافتاً إلى جهود وزارة البترول والثروة المعدنية بالتعاون مع مختلف الوزارات بالحكومة المصرية لخلق بيئة استثمار أكثر جاذبية فى قطاع الطاقة عبر تبنى حزمة من الإصلاحات من بينها طرح حزمة تحفيزية لزيادة الإنتاج وإصدار ورقة سياسات لتحفيز الاستثمار.
كما تطرق إلى جهود قطاع الطاقة المصرى للوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل فى مصر فى إطار استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة، وذلك من خلال زيادة نسبة الطاقات المتجددة فى مزيج الطاقة المصري، جنباً إلى جنب مع الوقود الأحفورى مؤكداً استمرار البترول والغاز كعنصر رئيسى فى مزيج الطاقة لعقود قادمة.
وأكد المهندس كريم بدوى على أهمية التكامل والتعاون الإقليمى وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية بما يحقق النفع المتبادل ويضمن استدامة وتوافر موارد الطاقة بالمنطقة بأسعار معقولة، لافتاً إلى المفاوضات المثمرة مع نظيره القبرصى خلال الفترة الماضية والتى توجت بتوقيع اتفاق غير مسبوق فى قطاع الطاقة بشرق المتوسط بين مصر وقبرص وتحالف الشركات المشغلة لحقلى «أفروديت» و»كرونوس»، لبدء تطوير الاكتشافات القبرصية باستخدام البنية التحتية المتمثلة فى خطوط الغاز التى تربط بين البلدين وتسهيلات الإسالة المصرية بما يسهم فى إطلاق إمكانات الغاز الطبيعى بالمنطقة ويحقق المصالح المشتركة. وتطرق كذلك إلى آخر المستجدات فيما يتعلق بالربط الكهربائى بين مصر والمملكة العربية السعودية، وخطط الربط الكهربائى بين مصر واليونان وكذلك التعاون بين الجانبين لنقل الغاز الطبيعى إلى الأسواق الأوروبية.
واستعرض كذلك الإصلاحات والتطورات التى يشهدها قطاع التعدين فى مصر بهدف زيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى من 1% لتصل إلى 5-6% فى ضوء ما تمتلكه مصر من ثروات وموارد معدنية، لافتا إلى أن قطاع التعدين فى مصر يشهد بداية ثمار التحديث ويسعى لمواصلة البناء على ما تحقق.
وفى سياق متصل ألقى المهندس كريم بدوى الضوء على جهود قطاع البترول على صعيد التحول الطاقى من خلال تبنى العديد من المبادرات الرامية إلى الحد من انبعاثات الكربون وتطوير حلول الطاقة البديلة من خلال مشروعات الطاقة النظيفة والهيدروجين منخفض الكربون بجانب أنشطة كفاءة الطاقة بما يضمن استدامة موارد الطاقة.
جلسة حوارية : «منتدى المعادن الحرجة: بناء سلاسل توريد مرنة ومستدامة»
شارك المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية، فى جلسة حوارية بعنوان «منتدى المعادن الحرجة: بناء سلاسل توريد مرنة ومستدامة» وذلك بحضور ممثلى كبرى شركات التعدين ومسئولى قطاع التعدين الحكوميين.
واستعرض بدوى رؤية مصر الطموحة لتطوير قطاع التعدين، وسعيها لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى هذا القطاع وتعزيز صناعات القيمة المضافة به، وعلى رأس تلك الجهود تحسين البنية التشريعية وتسهيل الإجراءات الاستثمارية، من خلال تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية مع تعديل نموذج عقود استغلال المعادن بما يحقق جذباً للاستثمارات، وإبرام شراكات استراتيجية مع الشركات العالمية ودول الجوار لتطوير مشروعات التعدين فى مختلف المعادن وعلى رأسها الذهب، وتعزيز الاستدامة البيئية فى عمليات التعدين، وتطوير استراتيجية مصرية لكفاءة الطاقة فى قطاع التعدين أسوة بما تم تنفيذه فى قطاع البترول وإحداث التكامل بين الطاقات التقليدية والطاقات المتجددة، كما شدد الوزير على أهمية التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لضمان تأمين سلاسل التوريد العالمية للمعادن الحرجة، بما يتماشى مع التطورات العالمية فى مجال التحول الطاقى والصناعات المتقدمة.
كما أكد الوزير على أن مصر تستهدف أن تصبح لاعباً رئيسياً فى قطاع التعدين، وأن الوزارة تسعى لزيادة مشاركة القطاع فى الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى ما يتراوح بين 5-6%، ووجه دعوته لممثلى الشركات الحاضرة لحضور مؤتمر مصر للتعدين المخطط انعقاده بشهر يوليو المقبل، واستكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة فى قطاع التعدين المصرى، خاصة مع سعى وزارة البترول والثروة المعدنية لإطلاق بوابة مصر الرقمية للتعدين لعرض كافة مناطق التعدين وبياناتها الجيولوجية على الشركات العاملة فى المجال.
وقد تناولت الجلسة الحوارية آخر توقعات الارتفاع الكبير فى الطلب على المعادن المستخدمة فى التحول الطاقى والصناعات المتقدمة، مثل معادن الليثيوم والكوبالت والنيكل والنحاس وغيرها من المعادن النادرة والحرجة التى تُستخدم فى تصنيع البطاريات وتقنيات الطاقة المتجددة وأشباه الموصلات.
وأكد المشاركون أن تنامى الطلب المتزايد يصحبه مخاوف بشأن استقرار سلاسل التوريد العالمية، بسبب التوترات الجيوسياسية والقيود التجارية والتحديات البيئية المختلفة، مما يستدعى تأمين شراكات مستقرة تعزز من عملية التحول الطاقى وتأمين مصادر الطاقة المختلفة حول العالم.
كما تطرقت الجلسة إلى الآليات اللازمة لضمان استدامة استخراج المعادن الحرجة، مع مراعاة الأبعاد البيئية والاجتماعية، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة فى عمليات التعدين لتعزيز كفاءة عمليات الاستكشاف والاستخراج ومن ثم خفض تكاليف الإنتاج، والعمل على إعادة تدوير المعادن كجزء من الجهود المبذولة لتقليل الحاجة إلى التنقيب الجديد وتحقيق الاستدامة البيئية.